متى أنتمي؟

كنت اليوم في رحلة في قطار الأنفاق، أركب بأريحية أمرر البطاقة ثم أجلس على أقرب مقعد منفرد لتجنب مخالطة البشر للحد الأقصى، في وسط رحلتي يصيبني النعاس وأقرر أن أسند رأسي وآخذ نصف غفوة، أعلم أنني سأنزل في المحطة الأخير لذا لا داعي من التنبه لكل محطة، أقرر أن أكتب رسالة نصية ساخرة لصديقتي، أقول فيها أنني وأخيرًا أعلم أنني أصبحت ابنة هذه المدينة، لأنني مرتاحة في أن أنام في قطاراتها. ثم تجلبني هذه الفكرة، ما الذي يعنيه حقًا أن تنتمي لمكان ما؟ هل يجب أن يكون هذا المكان هو مسقط رأسك؟ أم المكان الذي تقرر أن تكمل فيه دراساتك العليا؟ المكان الذي تتيه في شوارعه حد أنَّك تتصالح مع فكرة الضياع في هذه المدينة وتصبح مرتاحًا معها، عندما تضيع لا تفزع لأنك تعلم أن هذه هي طبيعة المدينة التي تسكنها، شوارعها متشعبة إلى حد أنك إن لم تضيع سيراودك شك أنك لست في هذه المدينة.

سأجاوب عن نفسي، أنتمي لهذه المدينة لأنها المدينة الأولى التي سافرت لها لوحدي، المدينة الأولى التي أصبح لي فيها سكن خاص وعقد إيجار، المدينة الأولى التي ضعت في قطار أنفاقها حتى اعتدت ذلك وأصبحت واثقة من قدرتي على إنقاذ نفسي متى ما تطلب الأمر ذلك-إن شاء الله-، المدينة الأولى التي دعوت إليها صديقاتي بشعور المستضيف، وتجولت بهم بشوارعها بشعور الفخر أنني أشعر بثقة تامة في معرفتي بشوارعها، المدينة التي تعلمت فيها كيف أقود دراجة -وأستطيع أن أقول أنني أجدت ذلك الآن-. مدينتي هذه رغم أنها وبكل أسف لا تأوي أحبتي في أي أزقتها وشوارعها، لكنها بشكل أو بآخر أصبحت شكل مني ومن الشخصية التي أصبحتها خلال السنتين السابقة. لم أفكر مسبقًا بمقدار الامتنان الذي أشعر به أن المدينة الأولى التي راودتني فيها كل هذه المشاعر واخترت أن أكمل دراستي فيها هي مدينتي هذه حتى اليوم. ماذا عنكم؟ أي المدن أو الأماكن تنتمون إليها؟

أكسر منطقة الراحة بدخولي لهذا التحدي، ربما أنجح فيه ربما لا، لكنني متفائلة على كل حال.

كونوا أنتم وأحبتكم بخير.

أضف تعليق

المدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑