كنت أمشي برفقة إحدى صديقاتي عندما مررنا من مبنى متأكدة أنني مرت من عنده ما يقارب عشرات المرات، وفي كل مرة كنت أمر من جانبه إمَّا أن عقلي كان يصنفه بشكل تلقائي على أنه مبنى سكني أو أنني لم أكن أعير الانتباه إلى كلمة “فندق” التي كانت تزين واجهة الفندق بشكل واضح رغم أنني لم أكن ألحظها، تبين أن والد صديقتي سكن في هذا الفندق مسبقًا ولاق على إعجابه. ثم خطرت على بالي هذه الفكرة، كم هي الأشياء التي سبق أن مررت بها، صنفتها على أنها شيء معين بشكل تلقائي ثم ذهبت في طي النسيان دون أن أعرف أو أميز حقيقتها يومًا ما.
تبدو الفكرة مريعة بالنسبة لي لكنني شبه واثقة أنها تعكس واقعي وواقع الكثير ممن أعرف، نمضي كثيرًا من الأوقات متصلين على الشبكة، أو منفصلين عن الواقع في أحلام يقظتنا أو كوابيس قلقنا، حد أننا فقدنا الانتباه إلى التفاصيل التي تحيط بنا. قد تكون هذه التفاصيل في بعض الأحيان أمور هامشية لا محل لها من الإعراب، لا تضيف الكثير لنا – نسبة أن أحجز فندق في مدينة عيشي تكاد تقارب صفرًا بالمئة- لذا لا بأس في أنني أخطأت أو همشت هذا الموضوع، لكن ماذا لو كانت هذه التفاصيل هي تفاصيل أهم؟
تعودنا على أن نكون بمكانين في نفس الوقت -بفضل الإنترنت-، أو أداء أكثر من مهمة في نفس الوقت، قد يكون أدى بنا إلى أن نفقد إحساسنا بالواقع، ونتبلد اتجاه التفاصيل التي قد تكون أحيانًا ذات تأثير مفصلي على حيواتنا. لا أود الانغماس في هذا الموضوع لأنه سيجرني للحديث عن وقت الشاشة الذي يظهره لي جهازي المحمول وهذا موضوع ذو شجن.
لكن أدعوكم ونفسي لأخذ لحظات أو ثواني وسط الركض لأخذ نفس عميق والنظر حولنا، ربما تأمل النمط المتكرر في الأريكة التي نجلس عليها -لا يهم- طالما أننا نركز في ما قد يفوتنا.
أتمنى أن تكونوا أنتم وأحبتكم بخير.
أضف تعليق