24.

مبارك عليكم الشهر متأخرة جدًا، لكن قدرَّ الله وما شاء فعل.

منذ أن بدأ شهر رمضان وأنا أفكر في الكتابة عن هذه التجربة أو شيء منها، يعني رمضان في الغربة دون العائلة. لكن هذه التدوينة أشبه ما تكون بمحاولة لاقتناص أبرز ما حصل معي في الفترة السابقة، لأنني متأكدة أنَّ هذا جزء من القيمة التي تحملها المدونة بالنسبة لي، أن تكون أشبه بالشاهد على التحولات والتغيرات التي أمر بها. من أجمل الأشياء التي أشهدها هذه الفترة ومنَّ الله علي بشهودها مظاهر الربيع في مدينتي، منظر الأشجار وهي مزهرة خلَّاب، ذَّكرني اليوم بقول إيليا أبو ماضي

“كم تشتكي وتقول أنك معدم

والأرض ملكك والسماء والأنجم

ولك الحقول وزهرها ونخلها

ونسيمها والبلبل المترنم”

الصورة المرفقة في أول التدوينة لإحدى تلك الأشجار، شاركتها مع صديقاتي عبر سنابشات والآن معكم، ربما تمرون بها مستقبلًا.

صورة نيويوركية. : p

قبل رمضان بفترة وجيزة أخذت رحلة قصيرة لنيويورك بالقطار، كان لدي خوف عارم من السفر وحيدة إلى أي مكان دون رفيق يؤنسني، تخيلت أفلام ودراميات أنتوا أبخص بها، أولها قصص الخطف وآخرها أن لا أستطيع أن أكون سعيدة لوحدي فقط وأن أظل طول رحلة السفر أفكر ببؤس “أين الرفيق الذي من المفترض أن يكون معي؟”. لكن لفضلِ الله علي، لم يحصل أي شيء من هذا، كانت رحلة آمنة لحد جيد جدًا بالنسبة لي، يبدو أن السفر بالقطار سهل في كل مكان وأنني سأستعيض به عن الطائرات ما استطعت إلى ذلك سبيلًا، ترتفع معدلات قلقي وتوتري في المطارات، من اللحظة التي أدخل فيها حتى أخرج من الطيارة في مطار وجهة سفري. : ) عودة للموضوع الأساسي، نيويورك وسفري وحيدة، الكثير من الأسواق الشعبية، الكثير من الأكل اللذيذ، كتب كتب الكثير من الكتب ومتاجر الكتب -أمر لا بد منه-، وبعض الحدائق العامة مع كاميرا فورية مستعارة من زميلتي في السكن، سمحت لي بالتقاط صور جيدة للذكرى. لذا عمومًا تجربة جيدة ربما لا أعيدها بالضرورة في نيويورك، لكن لا أجد مانعًا أن أعيدها خصوصًا مع ظروف الجائحة. للسفر مع رفقة لذته الخاصة به، ولسفر المرء وحده لذة أخرى، لا توازي واحدة منهما الأخرى، هذا ما يبدو لي وربما أغير رأيي لاحقا. : p

قضيت الأيام السابقة لرمضان للتخطيط الطويل لرمضان وجدولي فيه، أتى رمضان تساقطت الخطط وبدا لي أنَّ نظام نومي حتَّم علي تخريب كل الخطط، الوضع استتب الآن بعض الشيء، أنهي اليوم ببعض المهام الدراسية المنجزة، وشيء من الخطط الشخصية، لا أرضى بالطبع لأنني أنا، لكن أتعايش وأقول غدًا أفضل، لكن اليوم الثامن من رمضان وحقيقة هذا الشهر يركض ونحن نركض معه. بصرف النظر عن كل شيء نجحت في مقاطعة المرئيات (في خطة لاقتناص الشهر)، وأيضًا حذف برامج التواصل الاجتماعي. أبحث أحيانًا عن حساب أحبه وأنظر إلى آخر تغريداته ثم أغلقه، ما زال تويتر مصدر الإدمان الأساسي رغم أنني توقفت عن إستخدامه من شاشة الهاتف المحمول واكتفي بفتحه من الحاسوب. اسأل الله أن يجعلني وإياكم ووالدينا ومن نحب وسائر المسلمين والمسلمات من العتقاء من النار في هذا الشهر الكريم وأن يوفقنا لاستغلاله خير استغلال.

نظرًا لأني مقاطعة للمرئيات، توجهت للبودكاستات والقراءة، لن أشارك ما اقرأ حاليًا لأنني ما زلت لم أنهي الكتاب الشيق الذي بيدي وربما سأفرد تدوينة عنه لشدة ما أثارت اهتمامي الشخصية التي يلقي الكتاب الضوء عليها. لكن من آخر ما قرأت رواية “Little Fires Everywhere” ، قرأت الرواية السابقة لنفس الكاتبة وحازت على إعجابي رغم أنها مؤلمة، هذه الرواية بالنسبة لي كانت في نفس درجة البؤس، وسببت لي هواجيس منتصف الليل لكن روعتها بالنسبة لي تشفع لها، سواءًا في جمال أسلوب الكتابة أم في حبكة السرد، شيء لا أستطيع تجاوزه! تحذير مسبق أنَّ النهاية مفتوحة لكن أعتقد أنَّ الكاتبة تعوض عن ذلك بما ذكرت. بالنسبة للبودكاستات أستمتع ببودكاست سوالف بزنس من إنتاج ثمانية، قصص تجارية سعودية مثيرة للاهتمام جدًا بالنسبة لي، لم أعتقد أن مجال الأعمال في السعودية زاخر لهذه الدرجة، رغم أنني آخر شخص ممكن أن يدخل في مجال التجارة لكن مستمتعة بالمحتوى. طبعًا توجهي للقراءة والبودكاست في رمضان للترفيه من إبداعات نفسي، يعني لمَّا تصفدت الشياطين تبين لي كالعادة أنَّ نفسي هي التي يجب أن أروضها. لكن بإذن الله لن يأتي منتصف الشهر إلا وأنا ضابطة الجدول ومقننة التسلية. وربما أشارككم تدوينات اسبوعية هنا من عزلتي، لأوثق رمضاني الأول في الغربة وأحيي المدونة، عصفورين بحجر واحد.

اسأل الله أن يبلغني وإياكم وحبايبنا والمسلمين والمسلمات صيام رمضان وقيامه إيمانًا واحتسابًا.

أضف تعليق

المدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑