إنتاجية سامة؟

رغم الوعود الكثيرة التي قدمتها لنفسي بخصوص أني لن أزحم جدول المهام بكم هائل من المهام، ولن أحمِّل نفسي فوق طاقتها، الخ.. انتهى بي الأمر إلى حشد جدول الأعمال مرة أخرى، كان ذلك نتيجة لكثير من الأمور منها أكثر من خبر وفاة وصل إلي، مما جعلني أشعر أنني في سباق مع الزمن. يجب أن أنهي هذا الأمر وذاك، كلها إنجازات شخصية تعود علي بالنفع الأخروي، لكن لمَ الهوس إلى هذا الحد؟ كانت دائمًا تتردد في ذهني عبارة “سيروا إلى الله كسرى ومعاريج” وآخذها لي شعارًا، إضافة إلى فضل الله علينا بأن الشخص إذا نوى حسنةً وإن لم يعملها تكتب له، فلمَ لا أستعمل هذه المعتقدات أو أفعِّلها في مسارعتي للخيرات؟

مثل ما قلت لكم حشدت الجدول، ثم انتهى بي الأمر بفيلم درامي مع صديقاتي المقربات -كفاكم الله شر هذا العناء- ضحِكت فيه صديقتي المقربة وقالت لي “الود ودك تتنفسين بالدقيقة” لأجيبها بتهكم “ياليت والله بس ربي خلقني إنسان ما أقدر”. وبعد انتهائي من مكالمتي معهن، تراءت إلى ذهني الكثير من المشاهد وشعرت كما لو أنَّ الله فتح علي من حيث لا أحتسب واستوعبت أمرًا لم أكن لأستوعبه دون أن أمر بهذه التجربة مليون مرة. : ) ولكن الحمدلله الله الموفق والميسر والمسدد.

الشاهِد من الموضوع أنني رغم كل هذه الأمور ظللت أظن أنَّ الطريقة الوحيدة للإنجاز والوصول إلى ما أريد هي بحمل النفس على كمالاتها وأن أقوم بملأ جدولي حتى لا أكاد أتنفس، ثم أنجز الحد الأقصى وأنا راااكضة، لكن في الفترة الأخيرة كنت استمع لسلسلة شرح الشفا للشيخ حسن بخاري، وبينما أنا أفكر في معضلتي وحجم الفخ الذي أوقعت نفسي فيه تذكرت أمرين. الأول حديث للرسول عليه الصلاة والسلام أذكره هنا بنصه “عَنْ عَائشَةَ – رَضْيَ اللهُ عنها – أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دخَلَ عليها وعندَها امرأةٌ قال: «مَنْ هذه؟» قالت: هذه فُلانةٌ، تذْكرُ مِنْ صَلاتِها، قال: «مَهْ»، عليكم بِما تُطِيقونَ، فوَ اللهِ لا يَمَلُّ اللهُ حتَّى َتملُّوا»” (١)، لم أذكر الحديث بنصه في ذهني لكن ذكرت ختامه وفكرت مرةً أخرى، لماذا أشق على نفسي بهذا الشكل وأنا أعلم أنني بخير ما دمت على هذا الأمر؟ وأما الحديث الثاني هو حديث سمعت شرحه في شرح الشيخ حسن لكن سأورده هنا مع تعليق من الشيخ ابن باز -رحمه الله- لكي يتبين المعنى الذي في ذهني : “ويقول أنس رضي الله عنه: كان النبي ﷺ يسرد الصوم حتى نقول لا يفطر، ويسرد الفطر حتى نقول لا يصوم، هذا المعنى جاء أيضا من حديث عائشة ومن حديث ابن عباس وغيرهم على حسب أشغاله عليه الصلاة والسلام، تارة تكثر أشغاله فيسرد الإفطار ليتقوى على حاجات الناس وأعمالهم، وتارة تقل الأشغال فيسرد الصوم عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أن المؤمن ينتهز الفرص، إذا وجد فرصة صام تطوعا، وإذا شغل أفطر،” (٢) طبعاً هذا الاقتباس والهامش على الطريق الأفنانية. فقط للتوضيح وإلا لا منهج معين.

المهم نهاية المسلسل الطويل تقرر في نفسي أمران: الأول أنَّ الأولى لصحتي النفسية واستمراريتي أن أقوم بالأدنى الذي معه أكون لا أبخس نفسي حقها وبنفس الوقت لا أضغط عليها -توازن صعب لكن مقدور عليه- لِذا توقفت عن زحمة الجدول وقررت الحد الأدنى من الأمر الذي كنت سأذبح نفسي فيه عقليًا لو مشيت فيه فعلًا. الأمر الثاني أنَّ السماع لهذه المجالس أمر جيد، لكن الأجود منه أن أحاول أن أطبقها في حياتي عمليًا بطريقة أو بأخرى.

كتبت هذه التدوينة بالأمس وأنا جالسة في الحديقة التي ترون، بعد أن قررت أن أعطي نفسي إجازة ليوم، لأكون فقط دون إلتزامات، والحقيقة أنَّ الأمر لم يكن سهلًا. حتى اليوم كنت مضغوطة لأسباب متعددة وما زلت أحاول أن أعلِّم نفسي أن تتوازن اتجاه ما تريد أن تصل إليه لكن على الأقل أدركت أنَّ الطريقة الأولى ليست صحيحة -بالنسبة لي على الأقل- وأنها لن توصلني لهدفي المرجو بالتزامن مع صحة نفسية جيدة. وأظن أنَّ هذا الأسلوب أو التوجه هو الأجدى في الوصول إلى جميع الأهداف سواءً كانت أخروية أو دنيوية -نسأل الله التيسير والسداد- وأن نبقي في ذهننا إلى جانب هذا أنَّ الوقت محدود، فلا نتراخى إلى أقصى حد، ولا نصاب بِالهوس أيضًا -أدري معادلة مستحيلة- : p.

أتمنى أن تقرأو هذه التدوينة وأنتم وأحبائكم بخير.

١) https://www.alukah.net/sharia/0/140115/#ixzz72KtsUtPL

٢) https://binbaz.org.sa/audios/2625/374-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB-%D9%83%D8%A7%D9%86-%D8%B1%D8%B3%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%B5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87-%D9%88%D8%B3%D9%84%D9%85-%D9%8A%D9%81%D8%B7%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D8%AD%D8%AA%D9%89-%D9%86%D8%B8%D9%86-%D8%A7%D9%86-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D8%B5%D9%88%D9%85-%D9%85%D9%86%D9%87

أضف تعليق

المدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑