لسببٍ ما لم أجرؤ على كتابة هذه التدوينة قبل سفري، وأكتبها الآن على برنامج المذكرات في جهازي المحمول، ناوية أن أنشرها في اليوم الذي أصل فيه إن استطعت أو غدًا. السفر إلى مدينتي الأم دائمًا يثير في نفسي كل أنواع المشاعر، شعور عميق بالحنين والألفة، ومن ثم مشاعر خوفق وقلق وتوجس، أقلق من أنني نسيت كيف أكون حول أحبتي، نسيت كيف أتواجد حولهم لأكثر من نصف يومي وأنا المعتادة على أن أعيش أيامي كيفما شئت. كل هذا لا يهم هذه المرة، لأنني لم أقبل رأس والدتي وأستنشق ريحة شعرها لمدة تكاد تقارب العام، ربما لو حسبتها بدقة ستعادل إحدى عشر شهرًا لكن لا أظن أنَّ هذا التفصيل مهم.
آخر أيامي قبل اسفر كانت حافلة، الموعد الأول كان مع مصففة شعري التي أحب. في أحاديثنا معًا ثيم متكرر مريح، نتحدث عن الأمومة وبالنوة، الفرق بين أن تكونين أمًا وأن تكونين بنتًا، الاغتراب، ولون الشعر المخطط له بالطبع، ماذا أريد وكيف تنوي أن تطبقه، ثم ننطلق. يسعدني أن أقول أنني صبغت شعري باللون الأزرق، وربما يكون هذا أحسن قرار أخذته هذا العام، بالنظر للكثر من القرارات السيئة التي أخذتها ولكن قدرَّ الله وما شاء فعل. المهم، أختار أن أُعرِّقَّ نفسي هذه الفترة بقراري هذا، الفتاة ذات الشعر الأزرق والأجر على الله، وقبل أن أصبغ شعري ذهبت وخرمت غضروف إذني لأدخل بالشخصية، ينقصني وشم فقط، لكن لم نتطرق لذلك بعد، ربما إن أخذت موافقة ماما، لكن بالجنة إن شاء الله. : P لا أعلم ما سبب هوسي بالأوشام هذه الفترة، تقول أختي أنني أصبت بهوس في فترة مراهقتي ثم تجاوزته ، وأنني سأتجاوزه مرة أخرى -لأنني لن أجد تصميم وشم أستطيع أن أستقر عليه- رأيها وليس رأيي، لكن أشك يبدو أنني هذه المرة عالقة.
موعدي الثاني كان في عيادة الجلدية، خططت أن ابدأ كورس الروكوتان، لكن سبب عطل فني في النظام المستعمل لوصف الروكوتان في دولة الدراسة لم استطع أن ابدأه قبل سفري. لكن لا بأ، سبحان الله دائمًا يتردد علي نفس الدرس: أنا أريد، وأنتَ تريد، والله يفعلُ ما يريد. أمَّا الموعد الثالث كان لتصليح شاشة جهازي المحمول تحت ضغط الأقران والأقران في هذه الحالة فرد واحد فقط أختي الكبرى، ترفض أن أعود بجهاز مشوه. : ) وأصلحته فعلًا. نتيجة لكثرة المواعيد والأعمال والأشغال، قضيت ليلة السفر في تنظيف الشقة، كنس ومسح وكل ما تتخيلون، لم أرتح إلا بعد أن أنهيت تنظيف الجزء الذي يخصني من الشقة بالإضافة للمطبح والصالة، انتهى بي الأمر مكسرة لكن النتيجة كانت تستحق التعب. وأنا أنظف الشقة لا أعلم لمَ استرجعت أول مرة جئت فيها للشقة والتنظيف وأحسست كأنَّ ذلك الوقت ينعاد في ذهني وكأنه كان بالأمس.
درجات الفصل الدراسي أُصدِرت باستثناء الدرجة المتوجسة بشأنها، أتمنى أن تعّدي العواقب سليمة. عودة لموضوعنا الأساسي، أنا ومشاعري المتقلبة، والشعر الأزرق الذي أصبح مُرتبِط بكل شعور أحس فيه. لا أعلم كيف ستكون هذه لإجازة، أعلم أنني ملأت حقيبتي بكتب للقراءة، وكأنني سأملك كل الوقت بالعالم، أعلم أنني نسيت كيف أحب أحبتي وجهًا لوجه، لكن ربما يكون الحب مثل العضلات التي نستعملها عند السباحة وقيادة الدراجة، حتى إن انقطعنا عنها م إن نستعملها مرة أو مرتين نسترجع طريقة استعمالنا لها. أعلم أنني سأاول تجاوز الدراميات ما استطعت إلى ذلك سبيلًا وأن أدرك أنَّ الوقت محدود، فربما سيكون من الأفضل ألَّا أضيعه.
أتمنى أن تكونوا أنتم وأحبابكم بخير.
-أفنان.
أضف تعليق