۳٨.

صباح/مساء الخير على كل من يقرأ هذه التدوينة،

أتمنى أن تكونوا أنتم وأحبائكم بخير، كان من المفترض أن تُكْتَب هذه التدوينة قبل شهر لكن كما ترون -الشكوى لله-. : ) كل يوم أنوي أن أكتبها قبل أن أنام ثمَّ أتراجع عن قراري وأُرَحِّل المهمة ليوم آخر، اليوم قررت أن أكتب قبل أن أنام، تطلع طويلة، قصيرة، سيئة، جيدة، لا يهم. ها نحن هنا، عن ماذا يجب أن أتكلم أولًا؟ حَصَل الكثير في الشهر السابق.

سافرت مرتين، المرة الأولى وحيدة لشيكاغو، والمرة الثانية مع مجموعة من صديقاتي وصديقاتهن إلى ميامي، لا يحتاج أن أقول من فاز من ناحية الجو، ميامي أم شيكاغو. : p أعتقد أنَّ السفر لشيكاغو كان تجربة مختلفة بالنسبة لي لأنَّ سفرتي السابقة لوحدي كانت لمدينة زرتها مع أخواتي، أما شيكاغو كانت اكتشاف للمدينة وإعادة اكتشاف للعزلة في السفر. لا أستطيع أن أقول أنني لن أعيد التجربة لأنني بالتأكيد سأعيدها -تجربة السفر وحيدة-، لكن ربما لمدينة أخرى؟ ميامي كانت مشمسة، فيها هواء عليل، ذكَّرتني بالشرقية بداية الشتاء وآخره، أحببتها وسأعيدها غالبًا لكن بشرط شاليه خاص. : p في ميامي طبيعة الناس مختلفة جدًا، راودني شعور أن جميع الناس في المدينة مسترخين ولا يهمهم شيء إلا زيارة الشاطئ والتشمس -نيّالهم-، لكن طابع المدينة التي أسكن فيها وشيكاغو مختلف جدًا ويميل للعملية، يأسرني هذا الاختلاف بين المدن وقاطنيها وأحب أن اتأمله.

تعقيبًا على ما سبق في السفر وحيدة والوحدة والعزلة عمومًا، لفترة طويلة من استقراري في مدينة دراستي لم أستطع تكوين علاقات صداقة فيها شيء من العمق، أغلب المرات كنت أقابل ناس مرة أو مرتين ثم أتوقف عن لقائهم، وفي تلك الفترة تعلمت كيف أقضي الوقت مع نفسي دون أن يراودني شعور بعدم الراحة. لكن -بفضل ومنة من الله- منذ ما يقارب سنة تقريبًا أو أقل بقليل تعرفت على ثلاث صديقات وأصبح لدينا تجمعنا الخاص : p ، نتقابل مرة إلى مرتين بالشهر غالبًا وأحيانًا تزود أو تنقص حسب ظروف الحياة، ورغم أنَّ لقائاتنا ليست طويلة بالضرورة لكنها ممتعة جدًا ونكاد لا نصمت. المهم، وجودهن في حياتي أدَّى إلى أنني نسيت كيف أكون وحيدة مرة ثانية -مو حيل لكن بعض الشيء- وشيكاغو كانت درس في أنني نسيت أن أقضي الوقت وحيدة في مكان جديد. لِذا استنتاجي الجديد أنَّ العزلة والوحدة عضلة نمرنها باستمرار حتى لو كُنَّا محاطين بناس نحبهم ويعنون لنا الكثير. وهذا ما أحاول فعله مؤخرًا، منذ عودتي.

يسعدني أن أقول أنني اقرأ هذه الأيام باستمرار ودون توقف، رغم أنني سلَّمت جهاز الكيندل لأمازون بنية شراء نسخة أحدث، لكن بعد ذلك اكتشفت أنَّ مواردي محدودة وقررت أنَّ جهاز الكيندل الأحدث سيكون عيدية وسأصبر قليلًا حتى أقتنيه. حاليًا اقرأ رواية عن ملاهي الجاز في شيكاغو وقصة حب ممنوعة بينها، حتى الآن تحوز على إعجابي، واكتشفت أيضًا من خلال دراسة قرائاتي السابقة أنني أميل لتصنيف الجريمة والغموض، وهذا أمر لم أنتبه له مسبقًا، لكن طالما اقرأ لا يهمني الصنف حقًا. من أصل إحدى عشر كتابًا، قرأت كتابين عربيين فقط، إحداهما مترجم، يعني فشل فادِح في هدف قراءة كتب عربية بشكل أكثر، لكن سأصلح الوضع قليلًا في رمضان أو هذا ما آمله، ترقبوا التحديث. هناك رواية قرأتها وأبكتني كثيرًا عنوانها “A Place for Us” أتمنى من الجميع أن يستوعبون أنَّ وصفي لها بأنها أبكتني كثيرًا هو إطراء لهذه الرواية، وإن قرأها شخص ولم تعجبه أستطيع أن أقول “ما عنده ذوق” بكل أريحية، وهنا تتجلى الدكتاتورية التي تصفني بها أختي وصديقاتي -سامحهنَّ الله-.

أضفت إلى هواية القراءة هواية سماع البودكاستات المسلية، بمعنى أنَّ الفائدة من هذا النوع من البودكاستات غالِبا عرضية وليست أساسية، أستطيع أن أقول أنني وجدت إدماني الجديد، لكن بودكاستي الذي أدمنت عليه أحتفظ على سريته، لكن أنصحكم باستعمال برنامج البودكاست واسمعوا حلقات عشوائية حتى تجدون بودكاستكم المفضل الجديد، ستُصدمون من النتائج وربما ترسلون لي رسائل شكر على التوصية العشوائية. ومن مباهِجي العشوائية أيضًا أنني أخذت في هذا الفصل الدراسي مقدمة لعلم النفس، وأستمتع بمحاضرة هذه المادة جدًا، ربما أضاف الكثير للمادة أن أستاذتي لديها حس فكاهة لا نظير له -مقارنة بموادي السابقة على الأقل- وأنَّ المحتوى مثير للاهتمام ويتعلق بحيواتنا اليومية وسلوكياتنا. والرابط بين توصية البودكاستات واستمتاعي بمادة علم النفس أنني لا أستطيع مشاركتكم إياها يعني أقهركم فقط.

أخيرًا وليس آخرًا، محظوظة جدًا بالناس الطيبين في حياتي، مهما تكلمت عن جميع الاشياء العشوائية التي أستمتع بها، لا شيء يعادل مكالمة مرئية أو صوتية مع شخص أحبه ويعني لي الكثير. مهما كنا مهتمين بأعمالنا ودراستنا والمسؤوليات التي تثقل كاهِلنا، لا شيء يشابه قضاء الوقت مع من نحب، لذا لا تغفلوا عن ذلِك لأن الأيام تركض حرفيًا وليس مجازيًا. أود أن أعدكم بتدوينات أكثر لكن ساتوقف عن ذلك وربما عندها سأكتب تدوينات أكثر من يدري. صورة المقالة محاولة لتوثيق المعاناة عندما أحاول التوفيق بين المتعة والاجتهاد، لن أحاول أن أقول إن كنت فشلت أم نجحت في ذلك. هذه التدوينة بالكاد تغطي %5 من الاشياء التي أردت أن أقولها لكن أتوقع أنكم توقفتم عن القراء مِنَ الفقرة الثانية. : p اسأل الله أن يبلغنا وإياكم وأحبابنا جميعًا صيام رمضان وقيامه إيمانًا واحتسابًا.

-أفنان،

أضف تعليق

المدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑