إلى العزيزة ريم،
كيف حالكِ؟ تناقشت مع نفسي بشأن كتابة هذه الرسالة لكِ خصوصًا أننا سنتراسل في آخر دسيمبر، سينتهي هذا العام خلال أقل من شهرين، هل تتخيلين سرعة الوقت؟ عني أنا بالكاد أصدق الوضع كما هو. هذه الأيام بالنسبة لي الضغط الدراسي لا تعليق، ولكنني ما زلت أجد الوقت لأكتب رسالة؟ “من وين لج مثلي”؟ :p
لا أذكر متى كانت آخر مرة تكلمنا فيها حقًا، لأننا سيدات أعمال غارقات بالمواعيد والجداول المزدحمة. الفترة الأخيرة القراءة أخذت حيز لا بأس به من حياتي، اقرأ أكثر من المعتاد بكثير، تحسنت قليلًا من ناحية انتقاء الكتب العربية، لكنه ليس التحسن المطلوب -وحدة مثالية- . : ) آخر ما قرأت زوجة مسافر عبر الزمن لأودري نيفيجر قرأت النسخة الانقليزية من الرواية، ويوجد نسخة مترجمة. تتبع الرواية قصة حب هنري وكلير، هنري مسافر عبر الزمن لا يستطيع التحكم بوقت سفره أو مدته، وكلير هي الطفلة التي قابلها خلال إحدى رحلاته، وأخبرها أنه مسافر للزمن، ويا للصدمة.. صدقته! ومن هنا تبدأ القصة. لا يحتاج أن أناقش معكِ أفكاري بشأن الحب، لكن أستطيع أن اقول أنها ملحمة رومانسية كئيبة في كثير من جوانبها. أكثر ما أعجبني في الرواية، أنها تُظهِر للقارئ قيمة تلك اللحظة التي نقتنصها مع شخص مقرب مننا إما لاحتساء القهوة أو مشاركة مناسبة سعيدة. الختام: أعجبتني رغم كئابتها وأنها أبكتني كثيرًا. اقتربت من الوصول لهدفي القرائي في قودريدز، ليس كأنني اقرأ من أجله حقًا، لأنَّ الفترة الأخيرة لا أجد طريقة تجعل حياتي أسهل إلا أن اقرأ. أضفت إلى القراءة الكثير من المشي، وبذلك أصبحت تقلباتي المزاجية محتملة بعض الشيء، الدموع تنهمر صحيح، لكنني أمشي وبذلك تصبح المشاعر أقل حدة ولا تجثم على صدري.
بمناسبة الحديث عن البكاء، في الفترة الأخيرة أجد نفسي وسط انهيار بكائي من وقت لآخر، والكارثة الأعظم أنَّ هذا الانهيار يكون خلال اليوم الدراسي. لكِ أن تتخيليني وأنا أقول لنفسي داومي وأنت ِ ساكتة. : ) أحاول أن أعزو هذه الدموع إلى أنني أمر بفترة انتقالية، وأنَّ الكثير من الأمور في حياتي حاليًا تتغير، وربما هذه طريقة عقلي الباطن في أن يخبرني أنني لست بخير ، وأنني أحتاج أن أعطي نفسي بعض المساحة للدموع وأن أرثي خساراتي بسلام، حتى استطيع أن احتفل بانتصاراتي بسلام أيضًا. لا أعلم حقًا كيف سأصل لذلك، لكن لعلي أحاول..
بالأمس حصل لي حادث مفاجئ، وربما أريد توثيق هذا الأمر، كي أنظر إلى هذا النص مستقبلًا وأتذكر شكر نعم الله علي – سبحانه لا نحصي ثناءً-. كنت في الطريق إلى محطة المترو وأركض، وصادف أن يكون هنالك سائق دراجة هوائية لا يجيد التحكم بها أو لم يرني، وصَدمني بشكل حرفي ووقع علي. الحمدلله، لم أكسر أي عظام، وخرجت من حادثة التصادم ببعض الرضات فقط. لكن طوال الأمس، وأنا أصلي، وأذهب للجامعة، وأمارس حياتي الطبيعية وألم الرضوض حاضر، والسجود والركوع يؤججان ألم ساكن في ركبتي، وانا أفكر بكم الاشياء التي نظن أنها مضمونة لنا، ولا نستوعب أنها نعمة يستطيع الله أن ينزعها عننا في أي لحظة. اداء العبادات يوميًا دون آلام بالجسد، والمشي والجلوس والقيام والاستلقاء دون أي ألم يذكر، هذه نعمة من نعم الله علينا تفكيرنا أنها شيء مضمون وشيء لن يذهب مننا بأي يوم وعدم استشعارها، خطأ عظيم.
الآن بعد ان انتهيت من وصلة الوعظ الخاصة لنفسي ولكِ : P ، أريد أن أقول أنه لا بأس ، أن نستشعر نعم الله علينا، ومع ذلك ما زلنا نشعر بالأسى أو الألم أو الحزن لأي سبب كان. عودة لهذه الأيام والبكاء المستمر، لي ما يقارب الشهر على الحال الذي ذكرته، لا أستطيع أن أنزع هذا الشعور مني، لأنني بالأخير إنسان ونفس، ولست جهاز حاسب محمول وكل شيء في حياتي يمشي بالمسطرة والقلم. رغم أنني أحب أن أفكر أنني الخيار الثاني، لكن الخيار الأول هو الأصدق. لِذا، ربما يجب علي أن أقبل هذه المشاعر بدل أن أحاربها ، وبدل أن أشعر أن مزاجي ساحة حرب لجميع المزاجات، والسائد هو المنتصر. وربما أستطيع عبر ذلك أن أمنح نفسي المساحة للشعور ثم التجاوز. الله العالِم.
أشعر أنني أريد أن أكتب أكثر، لكن للآن، تبدو هذه الرسالة جاهزة للإرسال بالنسبة لي .
كل التقدير لكِ ، والشكر لمن يقرأ. : p
أفنان،
أضف تعليق